36 قتيل، 150 منزل منهار، انقطاع التيار عن أكثر من 200 أسرة، مُقابل إنقاذ 432 شخصا من الغرق، 94 منهم تم انقاذهم جوا عن طريق طائرات الهليكوبتر، هذه هي آخر حصيلة رسمية لفاجعة الفيضانات الأخيرة التي عرفتها مجموعة من المناطق الجنوبية، نعيد رسم القصة المأساوية للفاجعة، وتقف على أبرز أحداثها ومُخلفاتها.
وتسببت التساقطات الرعدية التي عرفتها بعض مناطق الجنوب والحوز، ومناطق أخرى بالأطلس الكبير، نهاية الأسبوع المنصرم. إلى ارتفاع منسوب مياه مجموعة من الأودية، مما أدى إلى فقدان عشرات المواطنين بعد جرفهم من طرف السيول، إلى جانب هدم مجموعة من المنازل والقناطر المتهالكة، فكانت الحصيلة عشرات القتلى والمفقودين، وانقطاع مجموعة من الطرق، على راسها الطريق الوطنية رقم 1 و 9.
وفي مدينة كلميم، لم ينج سوى مواطن واحد من أصل 18 راكبا بسيارة طرانزيت، كانت تهم بقطع واد بنواحي المدينة، مُتجهة نحو عرس للعائلة، حوالي الساعة الحادية عشر من مساء السبت المُنصرم، قبل أن تجرف السيول القوية السيارة، التي لم ينج من ركابها الثمانية عشر إلا شخص واحد، اتجه نحو مركز الدرك الملكي لإخبارهم بالفاجعة.
وبحسب مصادر من عين المكان، فإن مصالح الوقاية المدنية، بمعية عناصر الدرك الملكي، انتقلوا إلى عين المكان، رفقة الشخص الناجي، حيث باشروا إجراءات البحث، التي تكللت بالعثور على جثة عجوز وابنتها، في حين تم العثور في اليوم الموالي على أربع جثث أخرى، بينها زوجة وبنت رشيد المسعودي عضو الكتابة الجهوية لحزب العدالة والتنمية وعضو الكتابة المحلية للحزب بكلميم، قبل أن يتم انتشال باقي الجثث، بعد إجراء السلطات المعنية تمشيطا واسعا وسط سوء أحوال الطقس الممطر وشساعة عرض الوادي وطبيعة المنطقة الجبلية الوعرة وشدة الانحدار.
وكشفت نفس المصادر، إلى جانب شُهود عيان أن السلطات استعانت بمصابيح يدوية والأضواء الكاشفة لسيارات النجدة والإنقاذ التي وجهوها نحو مجرى الوادي، فيما انتقلت فرقة أخرى منهم إلى موقع قنطرة بدوار وازكان لاعتراض أي جثة قد توصلها السيول إلى الموقع.
من جهة أخرى، غرق 16 مواطنا من أصل 21، بعد أن ظلوا عالقين على سطح ثلاث سيارات أجرة وسط السيول الجارفة لأكثر من أربع ساعات، في مشهد درامي بامتياز.
لم يكن يظن، مُصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق باسم الحُكومة، وهو في طريقه إلى لقاء حزبي بمدينة كلميم، أنه سيكون في قلب واحدة من أسوأ الفياضانات التي شهدتها المملكة، إذ وجدت نفسه مُحاصرا رفقة مجموعة من المواطنين بالقرب من وادي تيمسورت، حيث كان شاهدا على عملية إنتشال الجثث كما قدم العزاء لعائلات الضحايا.
من المسؤول؟؟
“من المسؤول؟”، سؤال تردد كثيرا في الآونة الآخيرة، فعلى مُستوى مدينة كلميم، كانت الاتهامات شديدة بين الوالي والمنتخبين، إذ اتهم الأول منتخبي المدينة بـ”سوء تدبير ميزانيتها”، عبر “الإنصراف في تشييد مُنشآت تجميلية عوض تشييد القناطر”، الشيء الذي رد عليه المنتخبون بكون الوالي هو الآمر بالصرف، مُتهمينه بـ”التخاذل لانقاذ الضحايا الذين ظلوا عالقين طيلة ساعات”.
من جهتها، طالبت جماعة العدل والإحسان بمدينة كلميم بـ”تعويض أهالي فاجعة كلميم”، مُحملة السلطة مسؤولية الحصيلة “الثقيلة في الأرواح”، كما حمل حزب الاستقلال المسؤولية إلى “حكومة عبد الإله بنكيران التي نهجت سياسات فاشلة خُصوصا على مُستوى الأقاليم الجنوبية”، بحسب بلاغ للحزب، أما العدالة والتنمية فقد وجهت أصابع الاتهام إلى منتخبي المدينة المنتمي أغلبهم إلى حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض.
إلى ذلك، طالبت الجمعية المغربية لحماية المال العام، بضرورة مساءلة المتورطين في وفاة عدد كبير من الأشخاص، مؤكدة أن الفيضانات فضحت تبديد المال العام، وأماطت اللثام عن “تردي البنيات التحتية، وهشاشة المنشآت، واستهتار أكثر من جهة مسؤولة في اتخاذ الإجراءات الوقائية الضرورية لحماية الأرواح من نتائج السيول والأمطار” على حد تعبيرها.
وأوضح الحسين يوعابد، مدير قسم التواصل بمديرية الأرصاد الجوية، في تصريح لـ « اليوم 24 »، أن مجموعة من الاضطرابات الجوية القوية، التي ستهم بالأساس مناطق مثل دكالة عبدة وشيشاوة والشياظمة والأطلس الكبير ومناطق سوس، مُضيفا أنه « من الممكن أن تصل التساقطات لـ 150 مليمتر خلال 24 ساعة وقد تبلغ 200 مليمتر يوم الجمعة ».
وأبرز المُتحدث أن السواحل الأطلسية ستعرف رياحا قوية من الممكن أن تصل سرعتها إلى 80 كيلومترا في الساعة، في حين أكد أن عُلو الأمواج قد يصل من خمس إلى سبع أمتار.
وعلى مُستوى مدينة كلميم، قال المتحدث إن هذه المنطقة قد تشهد فاجعة أسوأ من التي شهدتها في الأيام القليلة الماضية، موضحا أن « التساقطات خلال الأربع وعشرين ساعة القادمة قد تصل إلى ثمانين ميليمترا في المدينة »، إلى جانب مناطق أخرى مثل أكادير ونواحي تاردونات، الحوز، اشتوكة ايت باها، شيشاوة ومناطق عبدة.
كلمات دلالية
0 تعليقات