Ad Code

Responsive Advertisement

Ticker

6/recent/ticker-posts

مفاهيم الرجولة في مجتمعاتنا "مضروبة"!


                                    الرجولة لا تعلم بالتخويف والقهر أبداً
لمجتمعنا العربي خصوصية يتفرد بها، فالأصول العربية والبدوية تبقى متأصلة مهما عاصرنا من مظاهر التمدن والتكنولوجيا، خاصة فيما يتعلق بالعادات والتقاليد والمفاهيم التي تم توارث بعضها إلى الآن، حتى وإن كانت مفاهيماً بالية يتم تداولها وتطبيقها بشكل خاطئ، فقد عاش الناس في جزيرة العرب على ما يسمى بإبراز مظاهر الرجولة من خلال تحمل الصعاب والمواقف، فكنا نسمع منذ طفولتنا قصصاً أشبه بالخيال، منها من يصارع الأسد، أو يحمل الجمر بيده، أو يخرج الرصاصة من ركبته،
إلا أننا عندما كبرنا ووعينا الحياة أدركنا أن تلك القصص مجرد خيال إن صح التعبير، ولكن بقي من الناس من لديه إيمان بمصداقيتها، ويسيء فهم الرجولة، ويحمل هذا المفهوم ما لا يطاق، حيث سمعنا مؤخراً أن أحد الآباء جعل ابنه يجلس أمام النار وقام بتعذيبه نفسياً حتى يعلمه الرجولة!

المستشار الأسري والاجتماعي يحدثنا عن هذه القضية وتبعاتها في السطور الآتية:

بداية يقول القراش: "جرت العادة في مجتمعنا أن يكبر الابن على الخشونة وتحمل الصعاب، بحيث يكون صلب العود قوي الشكيمة، لكن بعض الآباء يسيئون التصرف بسلوكيات تعد جريمة في حق أبنائهم بحجة الرجولة، فنجد من يلقي بابنه في مسبح عميق، ويقول: "دعوه يتعلم"، أو يجلسه أمام بعض الكائنات الحية كالضب ونحوه، ويقول: "لا تخف كن رجلاً"، وأخيراً ما رأيناه من أب يقوم بكي ابنه في قدمه بعد أن جعله يجلس أمام النار لفترة، ثم يضع الحديدة على قدمه دون مبالاة بصراخه، مما يدل على أن فهم بعض الناس للرجولة أصبح فيه لبس وخطأ لا يدرك أثره إلا مع مرور الوقت، وما قام به ذلك الأب مع ابنه فيه انتهاك صارخ لإنسانيته وكرامته، حتى ولو كانت تلك الوسيلة للاستشفاء، فليس من حق الأب أن يبقي الطفل أمام النار دون مراعاة لنفسيته وصراخه المستميت، وفوق ذلك تصويره ونشر المقطع بين الناس، فهذا التصرف سوف يزرع في نفس الطفل الانكسار والشعور بالخجل من أقرانه بسبب معايرتهم له؛ لأنه بكى أو خاف ناهيك عن معايرة الأب له أو بوصفه بالأنثى أو عديم الرجولة أو "الخواف" أو "ولد حرمة"، مما ينعكس عليه مستقبلاً، فربما سيخرج منه غولاً مدمراً للإنسانية وحب الانتقام من الآخرين وشواهد التاريخ في القتلة كثيرة، أو يخرج منه شخصاً منكسراً يخاف حتى من البعوضة، فيكون موضع تندر للآخرين، ناهيك عن أثر تلك الندوب التي ستبقي فيه علامات، والمعايرة التي ستطارده لكون الحادثة موثقة بالتصوير.

ويضيف القراش: "إن الأبناء أمانة وتربيتهم مسؤولية، فليس العنف أو الضرب أو التهديد والتخويف هو الحل لكي يصبحوا رجالاً في المستقبل، بل بتعليمهم وتدريبهم على القيم الإنسانية والصفات الحميدة التي تكسبهم الرحمة والعدالة والمحبة والإخاء، فالرجولة لا تعلم بالتخويف والقهر أبداً".


إرسال تعليق

0 تعليقات